أ أم الحمام قالت لا تخرجوا*
رابح التيجاني
-1-
وعندما تريد النملة عذابها تستعير أجنحة / نسرية المنقار تفتض غشاوة ليل مصنوع بين أربعة حيطان / تفتح دولاب الجوارب المستوردة ، تنتقي الحلو والأحلى المناسب والأنسب / أنيقة تعبر المحطات تطلب حق النزول حتى بالمزابل تواضعا وانفتاحا.
قال اليهود : خسارة أن تكون عيون المسلمين سود ، قال اليهود ../وبالملاح كنت أجري طفلا دوليا بريئا أسرق طاقية من فوق رأس وأعيدها للعيون الصلصالية تصيح يا بوليس / نلاعبهم كرة القدم ننتصر بالسيف حفاة ، نعود للقصدير أواخر الليل يهودا نخشى الحبل المشبع ماء ينزل لاسعا ضريبة التأحر.
تكوم اليهود نفخا في اليهود إلى حد الصهيونية وانتفخنا مسامرة نحكي ألف ليلة وليلة .. حمزة البهلوان ..المغامرات الغراميات الغارات على الأحياء المجاورة / قرأنا سطرا عابرا عن النازية الفاشية فأشفقنا وجلسنا في آخر المطاف على أعتاب مبنى الأمم نستجدي الإشفاق قبل الحق / كنا عروبات لا عروبة / والعروبة بحيرة ترتمي خلفها أكواخ الطين عاجنة قدود صبايا للكراء / قرية تحرسها الحلفاء القتاد البترودولار المستنزف الكلمة الطيبة القيم الإنسانية الأخلاقية المكبوتات أحلام اليقظة والمنام / أيتها المومس أغلقي الباب وهات حياة أو موتا تساوي عشرة دراهم .
وكانت بوابات مدائن العرب القديمة تتعانق كلما جاء العصر والخسر وغارت القبائل / العناق تحطم .. خرجت البيوت في صف قطاري ودخلت عهود السيبة / أصبحت تتاجر تشتري الثورة كما تشتري الثور ، التغيير كما تشتري قطع الغيار ، التقدم كالبطاطس أيام البطاطس بالرطل .. تشتري لا تبيع احتياطا من دوائر الزمن وأعناق العام .
" أم الحمام مرة قالت لهم لا تحرجوا " .خرجوا . أكلتهم الثعالب / إلتوى عنق العام ثعبانا على عنقي والفنادق ملأى تغوص ثم تطفو تقذف الجثث إلى الشارع / كان الفرح رأسا للعام وكان الحزن عنقا / رأسا للثامن والسبعين هاربا من رصاصة منذ الخامس والستين لا تزال تجري ولا يزال هاربا / خرجوا / قرأوا . ما قرأوا .. كتبوا . ما كتبوا .. شربوا ..كذبوا / عادوا للدار سكارى من الحانة الغربية أو الحانة الشرقية واعتلى الشخير حلما بالصباح .
-2-
ماذا تقول الفراشات للنار ؟/ كنت أعتقدك نورا / تقول البلاغة جناسا غير تام / يقول رجال المطافئ حريقا / حفارو القبور الغسالون عملا /الأطفال خبزا وتين ، عسلا وزبدة / المؤرحون واقعة / رجال السياسة مبررا لمؤتمر / الصحافة سبقا فريدا / أحباب الفراشات مأساة حبلى بالإرث وتصدعا في الجبهات الخلفية، حسابا مغلوطا لميزان الربح والخسارة / ماذا ؟/ انجذاب النور للنار ..الحلم الوهم .. تقول ويقول وأنا ببوابات المدائن القديمة عربيا ربطة عنق أشد بقبضتي عنق العام وأسوي عقدة ربطة عنقه .
تنقر الطيور المهاجرة المتاهات بلورات المرايا بحثا عن حجم فتنتها .. تأخذ إجازات وطنية . تتغافل عن القدس والصحراء المغربية . إسقاطا تعاطفيا مع كل بحارة السفائن غير المحروقة بالواجهات العربية .. تعود وخط الرجعة مفتوح لسفائن لم تهشمها أضلع طارق الملتهبة عروبة / يهرب من يفكر في الهرب / ولأن طارق جواز لا يجوز، جنسية مغايرة معرضة للفخص التفتيش الكراهية مجانا ، قال لهم" البحر وراءكم والعدو أمامكم" / جنود كانوا يدخلون بلاد العجم وجنود كانوا يرون الدخول خروجا من ديارهم / وجاء عصر الموت مع وقف التنفيذ ، الصلب مضاجعا الصبايا الغارقات في الكحول ، البوب ، الفلامنكو تحطيم العقل إلغاء المكبوتات حتى إشعار يأتي عند الصحو / آه أيها الإنسان العربي يا صديق فورد رفيق ماركس حفيد النبي / والنخلة ورقة في الهجير تساوي سحابة مظلة ليلا شتويا واعدا بالتمر ، الشمس ، الظل ..مزيدا من الشمس العربية يعني مزيدا من الظل العربي تحت سوالف نخلة لا تزال تملك عقلا ، لا تزال تملك قلبا وامتدادا في الزمن من الأزل إلى الأبد / لكن الفراشات .. ماذا تقول للنار الفراشات ؟؟/ أجيبي يا نار أنت أدرى .. أنت أدرى .
-3-
إذا رأيت السمك يشكو ضيق التنفس تحت الماء فذاك سقوط في فخ إغراء بقبقات قنينات الأوكسجين / لا يعجبن أحد لو اصطاد سردينة بقنينة هواء لا تشكو ضعف الخياشيم بل داء السل وكل العلل الصدرية / هذا عصر ينظر فيه الجمل سنم الجمل ويضحك استنكارا واستغرابا / عصر تبني هموم الغير وتجاوز هموم الدار / خرجت عقول العرب لتدخل التاريخ لتدخل القلب . لم تطرق الباب . مزقت صمامات الأمان . تولد الإنذار . الخطر . حالات الطوارئ . لماذا خرجت والتجول ممنوع شرعا وعرفا ، عقلا ونقلا في شرايين وأوردة الدم ، مضارب الخارجين عن القبائل ؟؟ / خرجت والبيت ماء وخبز وحصير / تشرب غير الماء هناك تلوك غير الخبز تفترش غير الحصير ، وعندما يخبو شعاع الوهم قد تذرف دمعة واحدة ، تغتسل بها ، تشتري أوساخا لبالوعة الحمام .. ينظر الناس للوسخ المشترى يقولون ولدت نظيفة بلا دم بلا كلام بلا حبل سري / منذ كانت كانت نظيفة . والله ما خرجت . كيف يغتسل الإغتسال تتنظف النظافة / من قال إنها خرجت ؟ .
هو النمل يتسلق الدرج متسكعا بحثا عن العسل دواء للبطن بالمقصورة والنمل منذ كان أجسام معصوبة البطون معدومتها تعمل طول العمر لا تفكر إلا في البطون ، ومن يفكر في البطن يفكر في دائه ودوائه / ولما كان بلا هم أو كان بهموم صغيرة ولدت له حمارته هموما كبيرة / طار جحا فرحا ، أصبحت عظيما عظم مأساتي ملهاتي ملأت الدنيا شغلت الناس منطقة نفوذ احترابية مصب التهافتات لقيادة الأرض / اختار النمل الأمراض المناسبة .. العلاجات المناسبة .. وقف بصيدليات العصر زبائن يشكو بعضه النحافة بعضه البدانة الأمراض المكتشفة غير المكتشفة .. وكان النمل شيئا آخر غير النمل شيعا تقدمية رجعية حسب أحوال الطقس والمزاج ، تلبس القاموس تسميات مصطلحات تنظيرا ، ترقص على نغمات كمان الصرصار ، تطحن القمح المستورد الكاغد المستورد . تخرج و تدخل / تدخل وتحرج /تخرج ولا تدخل /تدخل ولا تخرج / قيامة قبل القيامة وأم الحمام تهدل باكية فواجع فقدان أفراخ بهرتهم غابات الدنيا وما عادوا حتى ولو عادوا / آه عليك وآه منك يا وطن العرب التالف في الغابات .
-4-
قطري بن الفجاءة ، حوف من الموت يسير إلى الموت باسم الشجاعة ، تبريرا للخروج / والأشياء منذ كانت تموت وحدها أو مقتولة بالتقسيط / " وما للمرء خير في حياة إذا ما عد من سقط المتاع " سقط المتاع وادعى النبوة .. قتلوه /الطرماح بن حكيم "ليكسب مالا أو يؤول إلى غنى " / عمران بن حطان يوما يمانيا إذا لاقى يمانيا ويوما معديا إذا لاقى عدنانيا / وكان التعاطف إفرازا عدوانيا فجا بلا مذاق حكم انبهار / ماركوز إنسان بلا أبعاد أو بعد واحد مشدود إلى العصر أو حارج عنه / انحراف .. سلبا كان أو إيجابا / مقدور أن تعيش مشدودا .سيبيريا فضة أنستهم الذهب و أمريكا قارة اكتشفوها لتعريهم / ماجت البواخر ، رأس الرجاء ، شطئان بوذا ، مشاعية بدائية إقطاعية ،رأس المال ، التوزيع العادل ، غير العادل ، الصراع ، الطبقات ، الأجيال / وعندما دفن العالم موتاه فتح الشرق الأحضان فتح الغرب الأحضان وكان السقوط العربي بين بين أو على الهامش / امتصاصا طفوليا لرضاعة مهداة من الكبار تمنع البكاء خوفا من الغيلان .. تجعل النوم بعد أربعة عشر قرنا من النوم و الصحو موتا /خضوعا للجاذبية . الفيتو . انقيادا . رسما للخرائط بالدم والفم / مسخا للقوة المناعة يسكنها دخيل فيروسي جرثومي ، يظل الجسم المشطور ألف شطر المعلول ألف علة يعالجه بالمضادات الحيوية . الإنتفاخ الإنكماش / يشتكي عضو . لا يتداعى سائر الجسد سهرا وحمى / تشتكي كل الأعضاء يصير الجسد صيدلية ملأى بالعقاقير من كل نوع كل جنسية ممددا على مشارح الحلول أنصاف الحلول / لو يقف هذا الجسد عضوا واحدا يقف .
يا ابن الفجاءة يا خروج اليد عن الجسم ، هبني سيفك لأقتلك ، ماذا أضفت للتاريخ ؟ حفيد يطلب السيف جائعا عريانا / يا ابن الفجاءة خرجت أنت وها أنا كما ترى .. حفيدك .. سقط المتاع . ما كنا عربا / من قال كنا عربا وسنبقى عربا ؟ /آه يا قطري ما الخروج ما الدخول... يخونني علم الكلام السياسة التاريخ الإقتصاد الإجتماع الفلسفة ما وراء الفلسفة فأدفن نفسي في الشعر وأحيا . لا حارجا ولا داخلا . واقفا بأبواب الأمل العربي . والله يا قطري لن تنفتح الأبواب إلا للعرب يملكون بطاقات التعريف الوطنية .
* فلسطينيات /نصوص معتقة
( ملخق العلم الثقافي. 21 يناير 1978)