مراكش
رابح التيجاني
"أبو الهول ينوح على حافة الصحراء والفراعين منزعجون في قلب الأهرام ،فإفريقيا لم تعد إفريقيا " رينور يرنار(1)
" يا إفريقياي ، أنا لم أعرفك قط ، لكنما نظرتي المتفرسة مليئة بدمك " دافيد أيوب(2)
مراكش طاقية ، طاقية على رأس إفريقيا ، ورأس إفريقيا كل جسد إفريقيا مزارع للجربة والحكة ، إفريقيا حفنة من الطين أو بقية جثة ملقاة في البحر بين القارات ، بلا قدمين وبألف يد ممدودة إلى منظمات الغوث التغذية التعاون تنمية الشعوب المضطهدة ،،الآن إفريقيا تحك رأسها جسدها منخرطة في الإغتسال داخلة في الطاقية الأصيلة المتعودة على التدلي بنخوة بأستاذية وتمعلم فوق الجبين .
رأس إفريقيا نصفه الأيمن أقرع ونصفه الثاني غابة هيبية والعكس صحيح ، إفريقيا الآن تحك رأسها عند نقطة خط الإستواء مدار الجدي مدار السرطان كل المدارات ، تحك تسلخ الجلد متجولة في السوق الأسبوعي لموسكو السوق الأسبوعي لواشنطن وما بينهما ، جهاز استقبال يلتقط إشهار مكبرات الصوت اليدوية تهدي دواء البق الجرب البرغوت سراق الزيت سراق الخبز القمل الحيوانات المفترسة بدرهم أو في سبيل الله الإيديولوجية الإنسان ،،،وتأتي فتاوى الحلاقين تأمر إفريقيا أ، تزرع النصف الأقرع شعرا وتصفف النصف الأيسر على شكل ذيول الخيول أو تستعير من صالون الأمل صالون المستقبل باروكة زغب مستعار لا تحتاج إلى صابون تازة ،تخفي الصلعة والغابة /مراكش طاقية أذكى من الباروكة سترا للتناقض ،، الطاقية الآن على رأس إفريقيا فلنستعد لتصوير الشطحات ،الطاقية تغطي الأذنين المثقوبتين الحاملتين أصفاراهبية نحاسية أصفارا معادنية بترولية فوسفاطية للزينة وإغراء السواح فقط ، صفر على اليمين ،صفر على الشمال ، إفريقيا ترقص كعروس البحر ترقص عارية تنشر الإبتسام السلام ، صداقتها مشطورة نصفين ، عداوتها مشطورة نصفين ، لليمنى ولليسرى ،بطنها يهتز مع إيقاعات القلب دقات الساعة الطبول يجهض الأطفال ويسقط إرهاقا لحظة الغذاء لا يحلم إلا بتعميم الطواجين ، والطواجين ياسادة ، حضارة ... ولأن إفريقيا ملت الرقص بلا قدمين فقد صنعت من الوهمين قدمين ورقصت تخطو اليسرى خطوتين تخطو اليمنى خطوتين ، تظل إفريقيا كاللحية الماعزية راسمة علامة النصر يجذبها الأطفال الكبار يمارسون ألعاب القوى ،، تتشقلب إفريقيا أمامهم وتصفق ، تقف على رأسها وقفة جمبازية رافعة نصفها السمكي والزعانف ، واقفة لا تهتم بالتراب والغيس وأخذية العسكر والبوليس / "شهد الإله وأنت يا أرض اشهدي" /وإفريقيا عبدة مشرطة الأحناك مقدور عليها أن تسوس تساس وتلك السياسة درجات تبدأ من السفوح تصل حتى القمم أو تبدأ من القمم تصل حتى السفوح ثم تدور مع الكرة الأرضية . إفريقيا رأس عريان والنساء بجامع الفناء يصنعن الطواقي لكل الرؤوس قرعاء أو غابوية يرددن مع المؤذن والجوع والفقر وفلوس السواح والدقة : الله الله ،ينظرن للطاقية تتموقع يمينا نصرة للصلعة أو تتمحور يسارا تتويجا للغابة الخيلية ، ينظرن ، والطاقية منسوجة بالأعصاب الإندثار اليومي مقابل لقمة الخبز ،، تنصيب الطاقية مهمة معاهد الجمال اليمينية اليسارية .
أنا الآن أحك رأس إفريقيا لتفكر قليلا بعد أن حكت وسلخت الجلد تنظيفا ،، نحن الآن لا نزال نؤدي الطقوس للطابو الطوطم السياسة نحمل وشم السياسة في الحنجرة والعين والبطن ، نضع الطوطم على باب القبيلة معبدا للتضرع والإستسقاء ، ملجأ من الأعاصير والأنواء ، جنرالات تسجن في جيوبها الأعداء ، كل العرب الداخلين إفريقيا الرابضين جنب إفريقيا ، كل العرب استبدلت التعصب الطوطمي القبلي بالتعصب لهذه الريح أو هذه الريح، لفراء الأسد أو هيدورة النعجة ، والدنيا المريضة تبيع للعرب لإفريقيا الحضارة كي لا تطبخ جنس القارات الأخرى أو تشويه على النار تلتهمه مرفوقا بإيقاعات الصامبا الرومبا كناوة عيساوة حمادشة جيلالة درقاوة هداوة تهامة أهل التوات /" ما أنا بجارك ولا بقريب من دوارك "رائحة الشواء وحدها أتت بي صاغرا إلى بابك ، أي إنسان نشويه الآن يا أيها العلم الجائع ، أي حيوان ناطق رامز ضاحك هاها نشويه الآن على النار يا إفريقيا ،، أعفيك من الجواب يا سمراء فما دمنا نشجع الإنتاج المحلي الإقتصاد المحلي الخوار المحلي ، لأننا في طريق التنمية ومدعوون إلى الإكتفاء الذاتي والتصدير في المستقبل فليكن الشواء إنسانا إفريقيا ، إنسان الدنيا الثالثة ، فالأولى فالتة والثانية فالتة أما الثالثة فثابتة نابتة .
إفريقيا كالديك أدمنت أذان الفجر وما صلت مرة /تهرب مني أيها الكلام الردئ ، تطردني ترميني على العتبة ، تأمرني بأن أعود إلى السطر . حسنا . أضع نقطة وأعود إلى أول السطر .
يحتج المراكشيون على زرع مراكش بأضواء السيمافور التي تنبت الوقوف الإلزامي التأخير على ضفاف كليز أو ملتقى الطرق المؤدية للمنارة أو الكتبية. المراكشيون منذ عهد (يوغرطة الكاهنة كسيلة )ومن سبقهم أعداء التأخيرلأنه ثلاجة الطواجين براريد الشاي المشحر والشواء والفكر أيضا / لا تكون الطواجين إلا بالفكر / الطواجين فكر كالقصيدة ، جهاد كالقصيدة /" شهد الإله وأنت يا أرض اشهدي "/ الطواجين حضارة ممتدة منذ عصر إشعال النار بالأحجار الصماء إلى عصرنا عصر إشعال النار برؤوس الطبقات المسحوقة وقذفها إلى ساحة الوغى مدججة بالسلاح الممنوح مقابل الأرض الكرامة الحرية الإنسان تشريفا (لمكارتي أو تروتسكي ). ونحن . من نحن ؟ عينات إحصائية عشوائية داخل الطبقة ، عفوا داخل الفئة / حرمونا حتى من التصنيف داخل طبقة / نحن العينات المقهورة نشتري دواء القمل لرأس إفريقيا لرأس العرب ، حبا للطاقية المزركشة بفنية التاريخ دماء التاريخ وضآلة الإنسان ، آه أيها الدجال ، أيها التنبال يخرج بالدنيا إلى الدنيا يعيد السلام للبراكين مناطق النفوذ بركلة للأوضاع مستغنية عن( كيسنغر وفانس أثرتون فالدهايم )وإخوانهم بالشرق ، أرى الآن الأسوار أسوار المدائن القديمة تنهار على صدور حفظة الكلام المقدس سور الصين ينهار على صدر( كونفوشيوس وماو ولين بياو) ، أرى ياجوج وماجوج أرى( هنري )وهنري هذا كأتباعه مخ دماغ ، كيف يعود بالطائرة إلى البيت الأسود من الجحيم ، كيف لا يجري عدوا بالقدمين ؟ كيف لا يكون (بشر الحافي )يضيع منذ الزمن الضائع إلى يومنا هذا من شهرنا هذا من عامنا هذا ، أقول لكم وليبلغ الحاضر منكم الغائب وليبلغ الغائب منكم الغائب ،ولتحضروا جميعا / الحضور ضروري ومؤكد . أنا في كل منطقة ساخنة بإفريقيا لأنني طاقية على رأس إفريقيا، ولأن حمى المتنبي الأنبياء الشعراء رجال السياسة الشعوب تسكن الجمجمة والجبين ، فلتنزل الطاقية المتدلية بأستاذية وتمعلم حتى العيون ،تنفي الداء ترفض الدواء تبقى مراكشية مع (حميد الزاهر) يقول " قالت لك قالت لك أم الدلال قالت لك المولوعة إذا كنت ناظما فانظر إليها واشغل البال ، عيناها هما في القياس حيرا مكناس وفاس ، من تملى فيهما يبقى مدهوشا "
" جئت يا هذا تطلب نارا أم ترى جئت تشعل البيت نارا " والله ما جئت طلبا للنار ، نار هذه الأيام ممسوخة أمست لعبة الصبيان في عاشوراء ، ناري العربية الإفريقية قديما كانت فوق الجبال استضافة للغرباء نار موقد نار صبابة منجنيق مشاعل حفلات الرقص ، نحن اليوم يا عم نطبخ بالغاز " لا نذبح لضيف دجاجة إلا ليذبح لنا دجاجتين " نتنفس الغاز نطير ونهبط بالغاز نختنق بالغاز نحارب بالغاز نحارب من أجل الغاز ، نارك سلعة كاسدة والسوق كما علمت أصلحك الله وأطفأ نار غضبك السوق حالتها حالة أعدائك ، وهذا الذي تضبطه مشتعلا بيني وبين ليلى غازات بطنية وليس نارا ، قيس مات " وما أنا بجارك ولا بقريب من دوارك " الدم العربي الإفريقي وحده أو رائحة الشواء الطواجين الطنجية دعتني إلى الإستعطاف الإستنجاد بأعتابك ، لعابا يسيل اشتهاء وجنونا بصنبور أيمن أو أيسر ، آه والنار لدى آلهة الأولمب يسرقها برومثيوس يقتله اليمين أواليسار / " من حطب شيئا فقد استدفأبه " / أنا آكل الطاجين ولو باردا ، مفتقر إلى الطاجين أكثر مما أنا مفتقر إلى بطاغاز .. ندخل الآن أيهما الأسبق النار أم الطاجين ، يقولون النار تخلق الطاجين وأقول النار تحرق الطاجين ، آكله باردا في ساحة جامع الفناء مع الفقراء / "اللهم احشرني مع الفقراء "/ ونمتع النظر والقلب بالقردة تقلد امرأة الباشا تعجن الخبز .
(بنلوب ) في ساحات إفريقيا ، خان الخليلي ، الهديم ،باب الفتوح ، جامع الفناء ... تغزل وتفسخ ما تغزل عند الصباح لتبدأ من البداية والنهاية ، طاقيتك يا إفريقيا يا عروبة لن تصنعها بنلوب إذا كان المشتري (كارتر)الفرس أو (بريجنيف ) الروم ، مراكش طاقية وقريش عارية ، سائحة في الأزقة الأجنبية تعرض قميص عثمان في كل مكان من إفريقيا وغير إفريقيا في كل مكان ، تبيع القميص تبيع نفسها مقابل قرارات مجلس الأمن وتعود مباعة تتضارب من أجل تفسير الصياغة اإنجليزية الروسية الفرنسية والعربية أيضا .
قال قائل إفريقيا سمراء حسناء ضعوا على رأسها قبعة كاوبوي ، هاهو الفرس المسدس الخرطوش الدجين /" الناس عندما يلبسون يلبسون بشهوة الناس "/ قال قائل ضعوا على الرأس قبعة فراء شتوية سيبيرية ، هاهو المانفستو ، الشرع أعطى العربي الماء والكلأ أربعة نساء والنار ونحن أعطينا لكل فرد الدنيا بكاملها ، الدنيا لنا بعدد سكان العالم ، نحن الجنة ، قال قائل ادخلوها أيها العصاة ، ادخلوها بحرب وصراع وقاتل ومقتول ، ادخلوها بسلام عندما تنتهون جميعا ،قال المسدس الخرطوش الدجين ننتهي جميعا قال قائل وإفريقيا تكرم الضيف الوافد تكرم الكشافة حتى اللصوص بإلزامهم بمضاجعة نساء القبيلة ثم تدون ملحمة الكرم صفاء العرق نقاء السلالة الزنوجة العروبة /" البس بشهوة الناس " / جمعت جمعا في جامع الفناء ، صاح الجمع من جمعنا الله يجمعه ، لارافل تجمعه ، نحن دراويش نريد لقمة خبز قصعة كسكس ..اشتريت ما تلف وعاب وغاب من ألوان الطعام والشراب وجئت للجمع ثانية / حافظوا على صناعة الطاقية المراكشية / عرض الجمع ألفا ، وقيل أزيحوا القبعات عن رأس إفريقيا وضعوا على الرأس طاقية مراكشية ، أو ، اتركوه عاريا كاع ، مراكش طاقية ، وأي طاقية ، النخوة الإفريقية ، قد تكون ملطخة بأوساك بحر الظلمات جعة البحر الأبيض ، منسوجة ملدوغة بأظافر اليد اليمنى أظافر اليد اليسرى ،، لكنها طاقية . المراكش ، طاقية .
رابح التيجاني / مركش/ 1978
نشرت بالملحق الثقافي للعلم
*1و2 مقتطفان من كتاب سيغة شعراء من إفريقيا لعلي شلش منشورات الهلال
*الإشارات بين مزدوجتين مقتطفات من أغان شهيرة و إحالات على كلام مأثور
* شهد الإله وأنت يا أرض اشهدي أنا استجبنا دعوة المستنجد ، استهلالية قصيدة من الشعر المغربي المؤرخ لدور المغرب في نصرة الأندلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق